سترته عاصياً.. فكيف أفضحه تائباً
( العاصي والمطر )
روى أبو قدامة فقال :
أنه لحق بني اسرائيل قحط على عهد موسى عليه السلام
فاجتمع الناس الى موسى عليه السلام
فقالوا : يا كليم الله .. ادع الله لنا أن يسقينا الغيث
فقام معهم وخرجوا جميعا الى الصحراء
وكانوا سبعين ألفا أو يزيدون
فقال موسى : الهي .. أسقنا غيثك وانشر علينا رحمتك .. وارحمنا
بالأطفال الرّضَع
والبهائم الـُرتـّع
والمشايخ الركـّع
فما زادت السماء إلا تقشّعاً والشمس إلا حرارة
فقال موسى : يا رب .. لـِمَ لـَمْ تسقنا الغيث
ونحن نتضرع بك وندعوك ؟
فهؤلاء عبيدك ارحمنا برحمتك وأسقنا غيثك يا رب .
فأوحى الله تعالى الى موسى :
إن فيكم عبداً من عبادي يبارزني بالمعاصي
منذ أربعين سنة
فناد في الناس يا موسى حتى يخرج من بين أظهركم
فبه منعتكم
فقال موسى عليه السلام : الهي وسيدي ومولاي
عبد ضعيف وصوتي ضعيف
فأين يبلغ صوتي وهم سبعون ألفا أو يزيدون ؟
فأوحى الله تعالى اليه :
منك النداء يا موسى ومني البلاغ
فقام في الناس وقال :
يا أيها العبد الذي يبارز الله بالمعاصي منذ أربعين سنة
أخرج من بين أظهرنا فبك منعنا المطر
فوصل النداء الضعيف باذن الله تعالى الى العبد العاصي
فقام ونظر ذات اليمين وذات الشمال
فلم ير أحدا خرج
فعلم أنه هو المقصود بالنداء
فجلس وقال في نفسه :
إن أنا خرجت من بين هذا الخلق
افتـُضحت على رؤوس الخلائق من بني اسرائيل
وان قعدت معهم منعوا المطر لأجلي
فأدخل رأسه في ثيابه
وأخذ يبكي ويبكي نادما على فعاله السيئة
وقال : الهي وسيدي ورجائي
عصيتك أربعين سنة وأمهلتني
وقد أتيتك طائعا نادما تائبا ..
فاقبلني ولا تفضحني يا الله فأنت الستار الرحمن الرحيم
فلم يستتم الكلام حتى ارتفعت سحابة من السماء
فأمطرت ونزل المطر كأن السماء فتحت كأفواه القرب
فقال موسى : الهي وسيدي ومولاي
بماذا سقيتنا ؟ وما خرج من بين أظهرنا أحد ؟
فقال الله تعالى : يا موسى سقيتكم بالذي منعتكم به
أي سقيتكم المطر بسبب العبد العاصي الذي منعتكم المطر من أجله
فقال موسى عليه السلام : الهي
أرني هذا العبد العاصي والذي تاب اليك ؟
فقال الله تعالى : يا موسى إني لم أفضحه وهو يعصينني
فكيف أفضحه وهو تائب إلي ؟!!
قريح القلب من وجع الذنوب **نحيل الجسم يشهق بالنحيب
وغير لونه خوف شديــد ** لما يلقاه من طول الكروب
ينادي بالتضرع يا الهـــي ** أقلني عثرتي واستر عيوبي
فزعتُ الى الخلائق مستغيثا ** فلم أر في الخلائق من مجيب
وأنت تجيب من يدعوك ربي ** وتكشف ضر عبدك يا حبيبي
ودائي باطن ولديك طب ** ومن لي مثل طبك يا طبيبي